II الحرب الباردة
الحرب تطرق أوروبا
بيوت التفكير > الحرب الخفية تطرق أبواب أوروبا
العدد 1369 الاثنين – 28 ديسمبر 20
الحرب الباردة لا تزال تطرق أبواب أوروبا.. هكذا يري مهدي داريوس نازيمروايا الباحث السياسي المتخصص في القضايا الجيوسياسية والاستراتيجية بمركز أبحاث العولمة الكندي اليساري.
في مقال نشره علي الموقع الالكتروني المركز، قال داريوس أن روسيا لم تستطع الاندماج داخل الكيان الاوروبي وظلت علاقاتها متوترة معه نظرا للخوف الذي يحمله كل طرف للآخر، خاصة بعد اعلان مشروع الدرع الصاروخي الأمريكي في أوروبا (بولندا والتشيك)، لدرجة أن البعض اعتبر التوتر بين روسيا وأوروبا ممثلا في حلف شمال الأطلنطي “الناتو” هو استمرار للحرب الباردة.
مخاوف روسيا من هذا الدرع الصاروخي تعود إلي أن هذا الدرع يمثل تهديدا لأمنها القومي لأنه يقوض قدرتها علي توجيه ضربة نووية في حال تعرضها لأي تهديد كما أنه يمنعها من توجيه ضربة عسكرية انتقامية في حالة تعرضها لهجوم نووي أمريكي، فضلا عن أنه يعطي الولايات المتحدة ميزة التفوق العسكري بشكل عام والنووي بشكل خاص في الوقت الذي قد تنسحب فيه واشنطن بشكل أحادي الجانب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية كما أعلنت أمريكا عام 2001.
المخاوف الروسية لها ما يبررها خاصة أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تترك بابا مفتوحا أمام موسكو يمكنها من خلاله أن تقوي مرة أخري وتشكل تحديا حقيقيا لها كما كان الوضع قبل ذلك ابان الحرب الباردة، ولهذا فان واشنطن تعمل بجد علي تطويق روسيا عن طريق الدرع الصاروخي الذي تريد نشره في أوروبا وان كان ظاهره هو حماية الحلفاء الأوروبيين من التهديد الايراني والكوري الشمالي.
ولهذا اتهم فلاديمير بوتين الرئيس الروسي السابق الولايات المتحدة بمحاولة فرض سياستها أحادية الجانب، مؤكدا أن تبريراتها في هذا الشأن كاذبة وان الهدف هو تهديد الأمن القومي الروسي، مطالبا الناتو في الوقت نفسه بالتوقف عن سياساته التوسعية بضم دول أوروبا الشرقية والالتزام بحدود ألمانيا التي تعهد بها بعد انتهاء الحرب الباردة.. احتمالات نشوب حرب بين أمريكا وروسيا لا تزال قائمة حسبما يقول الكاتب في مقاله مدللا علي ذلك بالحرب بالوكالة بين روسيا وجورجيا في 2008 حول أوسيتيا الجنوبية، فالمعروف أن جورجيا هي حليف للولايات المتحدة وحلف الناتو الذي تحاول الانضمام اليه بالرغم من معارضة روسيا، كما أنها أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية. وخلال هذه الحرب أرسلت روسيا رسائل واضحة تفيد بأنها لن تتخلي عن أمنها القومي حتي في حالة انضمام جورجيا لحلف الناتو وهو ما يؤكد أن الحرب الباردة مازالت قائمة بين الجانبين.. دليل آخر يؤكد ذلك هو ما حمله إعلان أوباما في سبتمبر الماضي حول تعليق نشر الدرع الصاروخي بأوروبا ليتبعه إعلان آخر عن إنجاح إطلاق صاروخين يحملان قمرين صناعيين لأغراض دفاعية من قاعدة عسكرية بفلوريدا، وبالرغم من أن الدب الروسي ليس القوي الوحيدة التي تحظي باهتمام أمريكي اذ هناك أيضا التنين الصيني، الا أن أي مبادرات عسكرية أمريكية أو اطلاق لأقمار صناعية في الفضاء يقرأ في سياق الحرب الباردة مع روسيا فهذا التطور العسكري يستهدف عدو الأمس بالأساس.