Black Flag Over Damascus. العلم الأسود يرفرف في سماء دمشق

العلم الأسود يرفرف في سماء دمشق

مايك ويتني

“لقد تم رفع راية الإسلام السلفي السوداء في سماء دمشق.. لقد فاز تنظيم الدولة الإسلامية- القاعدة.. انهم الإرهابيون انفسهم الذين هاجمونا في 11 سبتمبر.. الذين شننا عليهم الحرب في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى.. لقد فقدنا الآلاف من جنودنا، رجالا ونساء. بتكلفة تريليونات الدولارات.. لقد فازوا.. ولقد ساعدناهم.. أمريكا لم تعد تمثل أي شيء”.

سكوت ريتر

حذر الجنرال مايك فلين، وهو رئيس سابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة للبنتاغون (DIA)، زملاءه في إدارة أوباما من أن دعم جماعات إرهابية لشن حروب بالوكالة نيابة عن واشنطن هو مشروع محفوف بالمخاطر قد ينقلب في نهاية الأمر ضدهم، مع إنشاء الولايات المتحدة لـ”إمارة سلفية في سوريا”.. لقد أصبح هذا التحذير حقيقة الآن.

من بين المقالات الرئيسية الخمسين تقريبا المخصصة لسقوط الحكومة السورية، لم يكلف أي منها نفسه عناء الإشارة إلى أن الميليشيا السنية التي أطاحت ببشار الأسد موجودة حاليا على قائمة وزارة الدفاع للمنظمات الإرهابية. كما أنهم لم يذكروا أن هذه الجماعة الجهادية نفسها مدرجة في قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية. كما لم يذكروا أن زعيم العصابة أبو محمد الجولاني تم رصد مكافأة من الحكومة الأمريكية مقابل القبض عليه بقيمة 10 ملايين دولار. لم يتم نشر أي من هذه المعلومات للجمهور لأن وسائل الإعلام لا تريد أن يعرف الشعب الأمريكي أن واشنطن ساعدت للتو في تثبيت نظام إرهابي في وسط الشرق الأوسط. ومع ذلك فإن هذا ما يحدث بالفعل.

ان الأمور أسوأ بكثير مما تبدو عليه، فالحملة على سوريا، التي استمرت 13 عاما، لا تستهدف سوريا حقا في نهاية المطاف، ، بل إيران.. إن سوريا لم تكن سوى العقبة الأخيرة على الطريق إلى طهران.. لكن طهران هي كرز الزينة على الكعكة.

من خلال القضاء على إيران، ستحتل إسرائيل “رأس الجسر” في الشرق الأوسط وتثبت نفسها كقوة مهيمنة في المنطقة. في هذه الأثناء، يتمكن العم سام من الوصول إلى ممرات خطوط الأنابيب التي كان يطمع فيها منذ أكثر من عشرين عاما، وهي الممرات التي ستنقل الغاز الطبيعي من قطر إلى البحر الأبيض المتوسط، ثم إلى الأسواق الأوروبية.

سيتم توفير الغاز من خلال دمية في يد الولايات المتحدة، تستغلها شركات النفط الغربية، ويباع بالدولار الأمريكي ويستخدم للحفاظ على قبضته على السياسة الأوروبية. وفي الوقت نفسه، سيتعرض جميع المنافسين الآخرين الى العقاب، أو سيتم تخريبهم، أو استبعادهم تماما.

لا يدرك معظم الناس مدى تأثير سياسة خط أنابيب الغاز على الأحداث في سوريا، ما جعل هذا البلد هدفاً للعدوان الأمريكي. لكن منذ عام 1949 الى يومنا هذا، حاولت أجهزة المخابرات الأمريكية مراراً وتكراراً الإطاحة برئيس الحكومة السورية من أجل الإشراف والسيطرة على خط أنابيب عبر العرب: “يهدف إلى ربط حقول النفط السعودية بموانئ لبنان عبر سوريا”. . وقد لخص روبرت ف. كينيدي ذلك في مقال رائع كتبه منذ أكثر من عقد من الزمن:

بدأت وكالة الاستخبارات المركزية (الامريكية) التدخل النشط في سوريا في عام 1949، بالكاد بعد مرور عام على تأسيس الوكالة. وكان الوطنيون السوريون قد أعلنوا الحرب على النازيين، وطردوا الحكام الاستعماريين الفرنسيين الموالين لـ”فيشي”، وأنشأوا ديمقراطية علمانية هشة على أساس النموذج الأمريكي.

لكن في مارس 1949، تردد الرئيس السوري المنتخب ديمقراطيا، شكري القوتلي، في الموافقة على خط الأنابيب العابر للمنطقة العربية، وهو مشروع أمريكي يهدف إلى ربط حقول النفط السعودية بالموانئ اللبنانية عبر سوريا. في كتابه “إرث الرماد”، يروي “تيم وينر”، مؤرخ وكالة المخابرات المركزية الامريكية، أنه ردا على عدم تحمس القوتلي لخط الأنابيب الأمريكي، نظمت وكالة المخابرات المركزية انقلابا لاستبدال القوتلي بدكتاتور اختارته وكالة المخابرات المركزية، وهو محتال مُدان يُدعى حسني الزعيم. ولم يكد الزعيم يأخذ وقته الكافي لحل البرلمان والموافقة على خط الأنابيب الأمريكي حتى عزله مواطنوه بعد أربعة أشهر ونصف من توليه الحكم..

مقال: “لماذا لا يريدنا العرب في سوريا؟”

روبرت كينيدي/ بوليتيكو.

 فهذا، إذن، السبب الذي يجعل سوريا تلعب مثل هذا الدور المهم في الخطط الجيوسياسية الأمريكية.. خطط للسيطرة على الموارد الحيوية للحفاظ على هيمنة الدولار واحتواء النمو الاقتصادي الهائل في الصين. إن الولايات المتحدة عازمة على السيطرة على الموارد الهائلة في الشرق الأوسط للحفاظ على هيمنتها على النظام العالمي. وهذا ليس كل شيء:

“من خلال الموافقة على “خط أنابيب الغاز الإسلامي” الذي أقرته روسيا، والذي من شأنه أن يربط الجزء الإيراني من حقل الغاز بالموانئ السورية واللبنانية، زاد الأسد من غضب ملوك الخليج السنيين. إذ من شأن خط أنابيب الغاز الإسلامي هذا أن يجعل إيران الشيعية، وليس قطر السنية، المورد الرئيسي لسوق الطاقة الأوروبية، وسيزيد بشكل كبير من نفوذ طهران في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم. وكانت إسرائيل مصممة أيضاً على إحباط خط الأنابيب الإسلامي، الذي من شأنه أن يثري إيران وسوريا، وبالتالي يساهم في ازدهار وكيليهما، حزب الله وحماس.

تشير برقيات وتقارير سرية واردة من وكالات الاستخبارات الأمريكية والسعودية والإسرائيلية إلى أنه بمجرد أن رفض الأسد خط أنابيب الغاز القطري، أجمع المخططون العسكريون والاستخباراتيون بسرعة على إثارة انتفاضة سنية في سوريا للإطاحة ببشار الأسد غير المتعاون، وكان هذا هو أفضل وسيلة لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في الانتهاء من ربط الغاز بين قطر وتركيا.

في عام 2009، وفقا لموقع ويكيليكس، بعد وقت قصير من رفض بشار الأسد خط أنابيب الغاز القطري، بدأت وكالة المخابرات المركزية في تمويل جماعات المعارضة في سوريا. وتجدر الإشارة إلى أن هذا حدث قبل وقت طويل من الانتفاضة ضد الأسد التي أطلقها الربيع العربي.

“لماذا لا يريدنا العرب في سوريا”.

روبرت كينيدي/ بوليتيكو

وهكذا، فبالتصديق على “خط الأنابيب الإسلامي”، فإن الأسد قد أخطأ، ولن تسمح واشنطن أبداً لمثل هذا السيناريو ان يتجسد. وكما تم بيانه سابقاً، فإن واشنطن اضطلعت بالسيطرة على الموارد الحيوية في الشرق الأوسط، محاولة احتواء الصين والحفاظ على قبضتها غير المؤكدة بشكل متزايد على القوة العالمية. تعد اتفاقيات أبراهام أيضًا جزءًا من هذه الاستراتيجية الجيوسياسية، من خلال تطبيع العلاقات بين إسرائيل وجيرانها الإسلاميين (المملكة العربية السعودية بشكل رئيسي، من أجل إنشاء ممر اقتصادي يشجع النقل السريع للمنتجات المصنعة من الهند إلى أوروبا). تتصور واشنطن أن التكامل الاقتصادي في المنطقة هو المحرك الرئيسي لتفوقها على بقية العالم، لا يعني هذا أن طموحات إسرائيل في السيطرة على الشرق الأوسط لم تكن الدافع الأقوى للحرب.. كان هذا هو الحال في سوريا والإطاحة بالأسد، لكن الاعتبارات الجيوسياسية الأخرى لعبت دوراً أيضاً.

ولهذا السبب أرادت الولايات المتحدة تشكيل حكومة أكثر تقبلاً لمصالح واشنطن. ومع ذلك، من الصعب أن نفهم كيف من المفترض أن يعمل كل هذا. لقد رحل الأسد وانتصرت القاعدة. نحن نعرف ذلك.. والآن ماذا يحدث؟

لم أستطع أن أتخيل أن المجندين الشباب الذين أمضوا السنوات العشر الأخيرة من حياتهم يجوبون الصحراء بسيارات الدفع الرباعي ويفجرون كل شيء يتحرك، يعرفون كيف يديرون الحكومة. إذن، من سيتولى إدارة الوكالات، ودفع رواتب الموظفين، وتنفيذ المهام الإدارية اليومية المتوقعة من أي حكومة؟ من سيدير ​​المدارس ويصلح الطرق وينفذ أعمال الشرطة في الشوارع؟

بالطبع، ربما يكون لدى السيد الجولاني مواهب خفية وسوف يرقى بأعجوبة إلى مستوى الحدث، من خلال ضمان عمل الوكالات بسلاسة وتشغيل القطارات في الوقت المحدد، ولكن هذا السيناريو يبدو مستبعدا للغاية. والأكثر من ذلك هو أن مهندسي هذا الفشل الذريع خططوا لإغراق البلاد واقتصادها المتعثر، وتكثيف معاناة المواطنين العاديين بشكل كبير، وزيادة استياء السكان حتى يتعرض النظام الجديد لإطاحة وحشية.

ربما لا.. ليس لدى مقاتلي هيئة تحرير الشام السنية سوى فرصة ضئيلة لتلبية احتياجات السكان وتوجيههم نحو مستقبل مزدهر وآمن. لكننا نعلم جميعا أن هذا لن يحدث. إن هذا النظام مجرد أداة في أيدي المصالح الأجنبية الحريصة على الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الثروات الطبيعية لسوريا، مع العمل في الوقت نفسه على إزالة التهديد المحتمل للتوسع الإسرائيلي المتواصل. باختصار، فإن المحافظين الجدد الذين أثاروا هذه الاستراتيجية الشيطانية فعلوا ذلك دون أدنى اهتمام بسلامة ورفاهية 23 مليون شخص يعيشون حالياً في سوريا.. حياتهم لا يهم.

ما يهم (بالنسبة لتل أبيب وواشنطن) هو وجود جيش احتياطي جاهز لتنفيذ أوامرها في الحرب المقبلة ضد إيران. هذا ما يهم. ولهذا تلجأ الولايات المتحدة وتركيا الى جنود “متعاقدين” سيفعلون ما يُطلب منهم مقابل رواتب باهظة. يتم الدفع لهيئة تحرير الشام مقابل خدماتها، وستتضمن هذه الخدمات هجمات على إيران وحزب الله. وبالتالي فإن هذه “ليست” تجربة لأشكال جديدة من الحكم. هيئة تحرير الشام لا تسعى إلى الحكم على الإطلاق. سوريا ليست سوى القاعدة العملياتية لنشر الهجمات ضد إيران وحزب الله. هذا كل شيء. هذا هو ما يدفعون له، لخوض الحرب.

الأمر كله يتعلق بالجغرافيا والغاز والدولار الأمريكي وإسرائيل. ومن بين هذه العناصر الأربعة، تحتل إسرائيل المكانة الغالبة.

المقال الاصلي بالانجليزية

Black Flag Over Damascus, UNZ Review, le 8 décembre 2024.

ترجمة الى الفرنسية: 

Spirit of Free Speech

تعريب: خالدة بورجي


Articles by: Mike Whitney

Disclaimer: The contents of this article are of sole responsibility of the author(s). The Centre for Research on Globalization will not be responsible for any inaccurate or incorrect statement in this article. The Centre of Research on Globalization grants permission to cross-post Global Research articles on community internet sites as long the source and copyright are acknowledged together with a hyperlink to the original Global Research article. For publication of Global Research articles in print or other forms including commercial internet sites, contact: [email protected]

www.globalresearch.ca contains copyrighted material the use of which has not always been specifically authorized by the copyright owner. We are making such material available to our readers under the provisions of "fair use" in an effort to advance a better understanding of political, economic and social issues. The material on this site is distributed without profit to those who have expressed a prior interest in receiving it for research and educational purposes. If you wish to use copyrighted material for purposes other than "fair use" you must request permission from the copyright owner.

For media inquiries: [email protected]