رُقى النخب المثقفة على الحرب في سوريا
FIDA DAKROUB
عموميات
توقعنا للمتمردين السوريين ما كان في انتظارهم اذا ما انتصرت “ثورتهم المقدسة”: بقشيش وركل.. أخطأنا.. لم يأخذ الصراع بعدُ منعطفا فاصلا حتى تلقى المتمردون السوريون ركلات الجيش الوطني السوري، دون ان يحصلوا على اكراميات من رؤسائهم الأطلسيين والعربَويين. فيما يتعلق بالركلات، فقد انتهت “معركة دمشق الكبرى” بهزيمة كبيرة للمتمردين، ولاقى الآلاف منهم حتفهم في الاشتباكات الاخيرة، وزحف الجيش السوري إلى معاقلهم في داريا، ودمر صفوفهم الخلفية، مأمـّنا بذلك العاصمة دمشق. أما بالنسبة للحلوان، فقد اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخرا ببعض التردد بشأن ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تتدخل في سورية أم لا. وأوضح أنه “في تجاذب” مع هذا المقرر، دون اعطاء إجابة!(1).
مختلف الخطابات حول النزاع السوري منذ أول ايام الأزمة السورية
قدمت الدعاية الإمبريالية الأطلسية وتلك الرجعية العربَوية الصراع في سورية على أنه صراع بين النظام والمعارضة، أو كصراع على السلطة. لقد تهافت كثير من الكتاب والمثقفين والفنانين والصحفيين عامدين الى حجز أماكن لهم في قطار الحملة الإعلامية ضد سورية. نعثر من بينهم على أسماء شهيرة لمثقفين عرب وغربيين: شعراء وروائيين وفنانين ومطربين وموسيقيين وأكاديميين وأساتذة ورجال قانون، بل وأيضا: وسطاء روحيين، ومستبصرين، ودجالين، فقراء ودراويش وأنبياء وسحرة.. الجميع كتب آلاف التحليلات والمقالات النقدية والتحقيقات والتقارير عن “الثورة السورية” المزعومة، وأفضى ذلك أولا الى تحوير ما يسمى “الثورة” الى “الثورة السورية المقدسة”، ثم الارتقاء بها الى مصاف رؤساء الملائكة، وأخيرا تمجيدها كروح أبدية -إذ جاز التعبير- لجميع الثورات الاجتماعية في التاريخ البشري، من ثورة العبيد لسبارتاكوس 109-71 (قبل الميلاد) الى ثورة الورود للسيد ساكاشفيلي عام 2003 (ميلادية)!.
يا لها من مهزلة ! يا للبؤس !
وضمن هذه المجموعة من الفقراء والدروايش، نجد أسماء شهيرة، مثل كريستوف باربيي، آلان غريش، وبرنار هنري ليفي، شخصيات بطولية في سفر(2) الحملة الإعلامية ضد سورية. وبالموازاة وهذه المجموعة، تشكـَّل فريق آخر، حيث إن أعضاءه -بعد أن سقطوا ضحايا للدعاية الإمبريالية ضد سورية- انزووا منعزلين والتزموا الصمت والحياد. ومن بينهم، نميز مجموعتين فرعيتين: الذين آثروا الحياد لأنهم كانوا منبهرين ومشوشين بفعل الدعاية الامبريالية، وأولئك الذين اختاروا ذلك، لأنهم كانوا ينتظرون انقشاع غبار القتال بين الجيش السوري الجماعات المسلحة. في مواجهة هذين الفريقين، هناك أولئك الذين سارعوا، منذ بداية الحرب الإمبريالية، للدفاع عن سورية، لتفكيك الدعاية الأطلسية والرجعية العربوية ومواجهتها، لإعادة توجيه نظر الرأي العام إلى البوصلة المتجهة دوما الى مقاومة الامبريالية، ولفضح –أخيرا- هذه الذئاب التي تتمظهر، ونظنها، خـِرافًا.. لإظهار أن ثغاءها لا يقوم الا بتكرار -بلغة “الديمقراطية” وحقوق الإنسان- خطاب القوى الامبريالية الايديولوجي.. ولاظهار –أيضا- ان جعجعات المتشدقين بـ”الربيع العربي” المزعوم، اختزلت الى عصبة من “الكهنة” في كبريات صالونات التحالف المقدس، لا تفعل غير ان تعكس الاعمال المثيرة للسخرية لفشل الحرب الإمبريالية على سورية المستمر. كان من واجب أعضاء تلك المجموعة أن يظهروا أن الصراع كان في الواقع “بين الوطن وأعدائه، بين الشعب والقتلة المجرمين، بين المواطن، وخبزه، ومائه، ودفئه، وبين من حرمه منها، بين الأمن والخوف”(3)، كذلك شرح الرئيس الأسد.
رُقى جان باتيست جانجين فيلمر
في أحد اعدادها، ، نشرت “لودوفوار”، وهي صحيفة مرموقة في كيبيك، مقالا كتبه السيد جان باتيست جانجين فيلمر(4)، شجب فيه –مثلما جعلنا نعتقد في البداية- الجرائم المقترفة في حق الإنسانية، التي ارتكبها، على حد قوله، كلا طرفي الصراع السوري: “المتمردون” والنظام. والى غاية هذه النقطة، بقينا مجتذبين الى النوايا الحسنة للسيد فيلمر، وايضا الى لياقه، ولم يبق لنا الا ان نطالب مع السيد بانغلوس، أن “كل شيء على افضل ما يرام في العوالم الممكنة”(5). والحال هذه، ورغم هذا التفاؤل البريء في البداية، كان لابد، في النهاية، من اضافة اسم السيد فيلمر الى المجموعة الأولى المذكورة آنفا، لأن السيد فيلمر فبركَ –تضمينا- في مقاله الموسوم بـ”حارب مع الوحوش دون أن تصبح منهم”(6)، بفضل صيغة خيميائية، بعض المبررات للأعمال الهمجية والإرهاب والمجازر والمذابح المنظمة، التي يقوم بها فرسان الثورة المقدسة السورية ضد خصومهم، مدنيين كانوا أم من العسكر، كل هذا بذريعة أن “المتمردين في سورية، وعلى الرغم من جرائمهم، هم الأقل شرا، وتجب مساعدتهم”(7).
يا لها من براهين !.. يا للتخليق !.. يا غضب !.. يا يأس! يا شيخوخة قهارة!(8)..
بيد ان هذه الصيغة الخيميائية التي اخترعها السيد فيلمر ليست في الواقع غير تعويذة تصلح لافتتاح جلسة عِرافة على قدر برشمانه في الخيمياء السياسية. وابعد من ذلك، فقد ألقى سحره وحوّل جهاديي القاعدة في رمشة عين الى ثوريين قديسين، “مدفوعين” بـ”الحق المشروع” في “تقرير المصير” والرئيسَ الأسد، الذي يتمتع بتأييد أغلبية الشعب السوري، الى “ديكتاتور” متعطش للدماء. لنرَ كيف يهذر السيد فيلمر في هذا الموضوع.. بدءا، إنه يفتتح مقاله العظيم باقتباس من نيتشه: “عندما نقاتل مع وحوش علينا أن نحرص على ان لا نصبح كذلك”.. “عندما تمعن نظرك طويلا في الهاوية، فإن الهاوية أيضا تثبت بصرها عليك”. يخدم هذا الاستشهاد، كما تمنى جدا كاتب المقال، إعطاء ما سيقوله لاحقا في النص شرعيةً وقيمة أكاديمية. انها فاتحة خطابه، تعويذة برشمانه، رُقى اختراعه الجديد. ثم يهرع بعد ذلك إلى اختتام سبقي، دون أي دليل، دون أية وثيقة أو مرجع او مصدر، مفاده أن الطرف الآخر من معادلة الصراع السوري، أي الحكومة السورية، “خصم أسوأ من نفسه”، ثم يخوض في تأكيد الجرائم البشعة التي ارتكبها “المتمردون” السوريون، فيورد بعضها، مستندا الى المرصد السوري لحقوق الإنسان:
هذا هو التحدي الذي يواجه المتمردون السوريون، حتى الآن، دون نجاح ذي ذكر، نسبيا، كما يشهد المرصد السوري لحقوق الإنسان، عبر بث فيديوهات، مع فاصل يومين، تظهر شطط كل جانب. الأولى بتاريخ 1 نوفمبر، تظهر مجموعة مؤلفة من حوالى 10 جنود من الجيش النظامي، أسرى، وقد أُلقوا أرضا، تلقوا ركلا شديدا ثم أعدمهم المتمردون رميا برصاص الرشاش، بسرعة9) ووصولا إلى ما اعتقد انه حجة، لم نعثر على غير بلاغة وخيبة أمل، وأطروحة السيد فيلمر، التي بدأت بـ”tu quoque”(10)، تنتهي بسخرية، بتوليفة من نوع “bene dicendi scientia”(11)، مع الفقرة التالية: لا يجب ان تغرقنا هذه المعاينة المتكررة -أن حربا ما هي قذرة دائما وأن الجرائم يرتكبها الجانبان- في نسبوية صلفة، تساوي دوما بين الطرفين. لأن الجرائم التي ارتكبها الثوار الليبيون والسوريون لا يمكن ان نقارنها بتلك التي ارتكبها القذافي والأسد، سواء من حيث النطاق أو الغرض، لأنهم مدفوعون بحق شعب مشروع في تقرير مصيره، وليس برغبة ديكتاتور في الاحتفاظ بالسلطة. هذه الاختلافات لا تستوجب العذر لهم، لهذا:
تجب ادانتهم بالحزم نفسه، ولكنها تفسر أنه ينبغي دعم المتمردين رغم كل شيء(12). أولا، بإلقاء رقى السحر تلك بخصوص القذافي والأسد، كما فعل في هذه الجملة: “…وليس برغبة ديكتاتور في الحفاظ على في السلطة”، لم يضف السيد فيلمر شيئا جديدا، ولم يخترع شيئا موثوقا، لأن كل شيء قد قيل قبلا، وكل شيء قد اخترع بخصوص الطغاة والمستبدين في العالم العربي، ورغباتهم الحيوانية، واهوائهم الدنيوية، وظمأهم للدم، وعن حريمهم وعن سراياهم الكبرى، كل شيء تم تصويره وتوهمه من خطاب الكنيسة في العصور الوسطى، والخطاب الاستشراقي في القرن التاسع عشر، وخطاب الإمبريالية والاستعمار في القرنين العشرين والحادي والعشرين، لا شيء جديد، لا شيء أصلي، منذ “نشيد” رولاند الى اخر برشمان السيد فيلمر، ولا حتى هذا الموقف الذي يتخذه في مقاله، للإدانة، للعقاب، للغفران، للترتيل، لمنح رحمته، عندما صاح من علياء السماء: “..تجب ادانتهم بالحزم نفسه، لكنها تفسر أنه يجب رغم كل شيء دعم المتمردين”.
أيها الرب الأبدي ! عندما خرجت من السعير، عندما تقدمت في حقول سدوم، ارتجت الارض، وانفطرت السماوات وذابت الغيوم الى مياه(13)..
ومع ذلك، بقي لنا أن نسائل أنفسنا عن ما هية الـ”حق المشروع” الذي تحدث عنه بورجوازينا الجنتلمان(14)؟ في أي عصر عاش ما عندما نسخ رقـّه، وما إذا لم يكن ذلك عصر خوسيه اركاديو بوينديا(15)؟ ومن اي نبر اخترع صيغه القضائية- السياسية- الفلسفية- الخيميائية- النيولوجية(16)، اذا لم يكن ذلك في عهد ميلخيادس(17)؟ ألم يقرأ التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام الاحتكارية عن الانتشار المتزايد لمقاتلي القاعدة في سورية، وخاصة جبهة النصرة (18) قبل ان يسحرنا برقاه؟ ولنتفحص ما نشرته وكالة رويترز مسكنة، وفي صلب الموضوع: The rise of al Qaeda’s affiliate in Syria, al-Nusra Front, which the United States designated a terrorist organisation last week, could usher in a long and deadly confrontation with the West, and perhaps Israel[19]. يمكن لصعود جبهة النصرة في سورية، الجماعة المنضوية تحت لواء القاعدة في سورية، والتي صنفتها الولايات المتحدة منظمةً ارهابية الاسبوع الماضي، أن يفتح مواجهة طاحنة طويلة مع الغرب، وربما مع إسرائيل(19). بيد أن السيد فيلمر قرر، مقتبسا مجددا من نيتشة، ان يختار “بين الأفضل والمبغـَض”، واعترف بأن “حرب ما هي دوما قذرة”، وهذا لتبرير -قصدا أو سذاجةً، ومهما كان- تمويل الدول الأطلسية والعربوية “المتمردين” السوريين وتسليحهم، هؤلاء “المتمردين” انفسهم، الذين يرتكبون أعمال العنف والمذابح، الذين يزهقون ارواح الأطفال ويذبحون النساء، ويخطفون الرجال ويعدمونهم بذريعة أنهم “يتعاونون” مع النظام! بغض النظر عن من يقتل، عمن يختطف، وعمن يعذب، كل ذلك لا يهم، طالما ان “حربا ما هي دوما قذرة”، يجب دائما اختيار “الأفضل” وليس “الأبغض”! لنستمع الى السيد فيلمر يرتل: بنية التقدير الإنساني، حسب تفسير نيتشه ايضا، هي دائما تفاضلية: اختيار “أ” هو دائما اختيار “أ” بدلا من “ب”، في سياق معين. “انه ليس ابدا صراعا بين الخير والشر، كما قال آرون ايضا، انه الأفضل ضد المكروه. الأمور دائما هكذا، على الخصوص، في السياسة الخارجية”. هذه الأخلاقية الواقعية هي لتلك الاهون شرا. “المتمردون”، اليوم، في سورية، ورغم جرائمهم، هم أقل شرا(20). وايضا، اضحت الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في سورية، عمليا، وعلى أرض الواقع، هي “المفضلة”، وبات النظام السوري الذي يواجهها “مقيتا”!. ارحمني يا رب، لأنني صريع؛ اشفيني، يا رب، لأن أوصالي مضطربة؛ وروحي منغصة (21). أما بالنسبة لنا، فإذا كان الاختيار كذلك محددا بين الـ”أفضل” والـ”البغيض”، وفقا لحسابات ومعادلات السيد فيلمر، فنحن نختار، دون تردد، “المقيت” ضد “الأفضل”!.
ما يجهله السيد فيلمر سذاجةً أو تقصدًا
تتساءلت عما إذا كلف السيد فيلمر نفسه عناء تصفح الجرائد، ليس تلك المحسوبة كبديلة ومقاومة، بل صحافة “المونوبول” وحتى الناطقين باسم الحرب الإمبريالية على سورية، قبل أن يخلب ألبابنا بسحره عن سورية. أولا، ذكرت الصحيفة الأمريكية “نيويورك تايمز” تنامي اعداد الجهاديين في سورية، التي أضحت نقطة جذب لجميع الإسلامويين من تنظيم القاعدة. “The evidence is mounting that Syria has become a magnet for Sunni extremists, including those operating under the banner of Al Qaeda. An important border crossing with Turkey that fell into Syrian rebels’hands last week, Bab al-Hawa, has quickly become a jihadist congregating point[22]”. “تتراكم الادلة على ان سورية أصبحت جاذبة للمتطرفين السنة، بمن فيهم هؤلاء الذين ينشطون تحت لواء تنظيم القاعدة. لإن معبرا حدوديا رئيسيا مع تركية العام سقطت “باب الهوا”، الذي سقط بين ايدي المتمردين، الأسبوع الماضي، سرعان ما أصبح نقطة تجمع الجهاديين(22). ثانيا، جاء في تقرير نشرته صحيفة بريطانية “الغارديان” أن الواقع على الأرض اصبح مظلما، عندما يدرك القارئ أن ما يسمى “المظاهرات السلمية” لم تكن، في الحقيقة، سوى فبركة إعلامية، وأن سورية تكتسحها بكثافة آلاف من المقاتلين من تنظيم القاعدة: “… But these were not average members of the Free Syrian Army. Abu Khuder and his men fight for al-Qaida. They call themselves the ghuraba’a, or “strangers”, after a famous jihadi poem celebrating Osama bin Laden’s time with his followers in the Afghan mountains, and they are one of a number of jihadi organisations establishing a foothold in the east of the country now that the conflict in Syria has stretched well into its second bloody year” ; “Almost every rebel brigade has adopted a Sunni religious name with rhetoric exalting jihad and martyrdom” ; “Religion is a major rallying force in this revolution[23]” ; “Abu Omar gave an order in Arabic, which was translated into a babble of different languages – Chechen, Tajik, Turkish, French, Saudi dialect, Urdu[24]”. “ولكن هؤلاء لم يكونوا من مقاتلي الجيش السوري الحر العاديين، فأبو خضر ورجاله يقاتلون لصالح القاعدة. يطلقون على أنفسهم اسم ‘الغرباء’، حسب قصيدة جهادية شهيرة تمجد الأيام التي قضاها أسامة بن لادن مع أنصاره في الجبال الأفغانية، إنهم ايضا جزء من منظمات جهادية عديدة وضعت لها بالفعل موطئ قدم في شرق البلاد، الآن، حيث يدخل الصراع في سورية عامه الدموي الثاني”. “تبنت كل فرقة متمردة سنية اسما دينيا بليغا يمجد الجهاد والاستشهاد”؛ “الدين هو قوة كبرى للحشد في هذه الثورة”. “اصدر أبو عمر أمرا باللغة العربية، ترجم إلى ثرثرة بلغات مختلفة – بالشيشانية والطاجيكية والتركية والفرنسية وباللهجة العامية السعودية والأردية”. ثالثا، نشرت الصحيفة الامريكية “الاندبندنت” تقريرا عن دور الخليفة التركي والإمارات والسلطنات العربية بخصوص عمليات نقل ضخمة للأسلحة إلى الأراضي السورية. واوضحت أن المستفيدين من هذه الترسانة هم مقاتلو القاعدة وليس الرهبان ذوو الأردية البيضاء: “Syrian rebels are being armed by Saudi Arabia and Qatar, The Independent has learnt, in a development that threatens to inflame a regional power struggle provoked by the 15-month-old uprising against the Assad regime. Rebel fighters from the Free Syrian Army (FSA) have received weapons from the two Gulf countries, which were transported into Syria via Turkey with the implicit support of the country’s intelligence agency, MIT, according to a Western diplomat in Ankara[25]”. The Independent a appris que les rebelles syriens sont armés par l’Arabie saoudite et le Qatar, ce qui entraine en effet un développement menaçant d’incendier un conflit de pouvoir régional, provoqué depuis 15 mois par le soulèvement contre le régime Assad. وقد علمت “الاندبندنت” ان المتمردين السوريين يتلقون السلاح المملكة العربية السعودية وقطر، الأمر الذي يقود -في الواقع- الى تطور يهدد بإشعال صراع السلطة الإقليمية، يثار منذ 15 شهرا بالانتفاضة ضد نظام الأسد. تلقى متمردو الجيش السوري الحر أسلحة، من دولتين خليجيتين، أسلحة تم نقلها إلى سورية عبر تركية، حيث تدعم مصالح المخابرات التركية ضمنيا مثل هذه العمليات، حسب دبلماسي غربي في انقرة(25). وأشار تقرير منشور في صحيفة دير شبيغل الألمانية أن الآلاف من السوريين فروا إلى لبنان، ليس بالضرورة خوفا من نظام الأسد، ولكن بسبب الهجمات التي تقودها قوات متمردي ما يسمى بـ”الثورة” السورية. وأشار التقرير ايضا كيف أن الأقلية المسيحية في سورية تعاني من هجومات الجماعات المتمردة المسلحة: “… the women described what happened to their husbands, brothers and nephews back in their hometown of Qusayr in Syria. They were killed by Syrian rebel fighters, the women said — murdered because they were Christians, people who in the eyes of radical Islamist freedom fighters have no place in the new Syria”, وصفت النساء ما حدث لإخوانهم، وأبناء اخوتهن في مسقط رؤوسهم بـ”القصير” بسورية. لقد قام المقاتلون المتمردون السوريون بتصفيتهم، كما قلن، لقد قتلوا لأنهم كانوا مسيحيين، ولا مكان لهم، حسب مقاتلي الحرية الإسلامويين المتطرفين، في سورية الجديدة. كل ما نقوله هنا لم ينفه السيد فيلمر، يالعكس، هو يؤكده كما كتب: “ليست الأولى، ولا الحادثة الوحيدة من الجرائم التي ارتكبها المتمردون. لقد مرت أشهر ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان تسلط الضوء على جرائم الحرب التي ارتكبها الجانبان. كما كان عليه الحال قبلا في ليبيا(27). كذلك، اعترف السيد فيلمر “بأنه قد عانى بشكل فظيع على الدوام، ولكن تفاءل لمجرد أن كل شيء سار على أكمل وجه، دائما، ودون ان يعتقد شيئا”(28).
خطاب السيد فيلمر أو بؤس البؤس
في سلسلة من المقالات، الموسومة بـ”خطاب البؤس”، والمنشورة في مركز الأبحاث حول العولمة(29)، شرّحنا الخطاب الخيري لكريستوف باربيي(30) وآلان غراش(31) حول “الربيع العربي” المزعوم والصراع السوري. وأعقبت هذه السلسلة بأخرى، موسومة بـ”بؤس الخطاب”، حيث تصدينا لأوهام برنار هنري ليفي العسكرية(32) بخصوص الحرب على سورية، وايضا محاكاة ساخرة للمجلس الوطني السوري(33). ومع ذلك، يبدو أن هناك حاجة للبدء، مع مقال السيد فيلمر، في سلسلة جديدة، توسم هذه المرة بـ”بؤس البؤس” لأن البؤس الاستطرادي وصل، هنا، الى أوجّه، مع النداء الذي أطلقه السيد فيلمر لتسليح “المتمردين”، ما يؤدي بالفعل إلى تسليح جبهة النصرة، المنضوية تحت لواء القاعدة، حيث يشكل مقاتلوها وحدهم، ووحدهم فقط، غالبية الجماعات المسلحة في سورية. إليكم ما يطالب به السيد فيلمر بلهجة بطولية، أكثر بطولية من نبرة هيكتور تحت اسوار طروادة: “إذن، يجب دعمهم، والقيام بذلك بصورة أكثر حسما، بتزويدهم بالأسلحة الثقيلة، للتعجيل بمخرج لما هو بصدد التحول الى حرب استنزاف(…) الاعتراف بأن الائتلاف الجديد للمعارضة السورية هو “الممثل الوحيد للشعب السوري”، وتزويده بسرعة بالأسلحة -بشكل غير قانوني إذا لزم الأمر- هو السبيل الوحيد لتسريع نهاية الحرب التي حصدت، في عشرين شهرا، ما يقرب من 40 الف ضحية”(34). برافو فيلمر ! تهانينا للقاعدة ! “ابتهجي جدا يا ابنة صهيون! زغردي فرحا يا ابنة أورشليم، من القدس! هوَذا ملكك يأتي إليك، انه صالح ومنتصر،انه متواضع، راكبا حمارا، حمارا، ابن أتان”.. وفي الختام، نذكر السيد فيلمر ان الائتلاف الجديد للمعارضة لا يتحكم في أي شيء ميدانيا، وأن جبهة النصرة هي رأس حربة المعارضة المسلحة، يتأكد هذا يوما بعد يوم، لقد دفع هذا التفاقم الدرامي للوضع فيسورية الرئيس باراك أوباما الى الاعتراف، كما قلنا في البداية، ببعض التردد بشأن ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أم لا تتدخل في سورية. وقد قال أوباما أنه “يتصارع” وهذا القرار، دون إعطاء إجابة(36)، لأن من الأفضل في بعض الأحيان ان نصمت على ان نقول اي شيء !
الدكتورة: فداء دكروب
دكتوراه في الدراسات الفرنسية 2010 (UWO, 2010) ، فداء دكروب كاتبة وباحثة، وعضو في “مجموعة البحوث والدراسات حول الآداب والثقافات الفرنكوفونية(GRELCEF) بجامعة ويسترن أونتاريو. وهي ناشطة من أجل السلام والحقوق المدنية.
الصفحة الرسمية للكاتبة : www.fidadakroub.net ترجمة: خالدة مختار بوريجي هوامش
1 ـ لوبوان. (28 يناير 2013)
. « Syrie: l’opposition réclame de l’aide et des armes ». اعادة: 29 يناير 2013 على: http://www.lepoint.fr/monde/syrie-l-opposition-reclame-de-l-aide-et-des-armes-28-01-2013-1620999_24.php 2ـ تعني: كتاب، باللغة العبرية. 3ـ وكالة سانا (6 يناير 2013). Le président al-Assad lance une solution politique de la crise à trois étapes et affirme que la Syrie redeviendra plus forte et jamais concédant ni principes ni droits » (الرئيس الأسد يطلق حلا سياسيا للأزمة على ثلاث مراحل، ويؤكد أن سورية ستصبح أقوى ولن تتنازل أبدا عن حقوقها ومبادئها) معاد يوم 25 يناير 2013 على: http://www.sana-syria.com/fra/51/2013/01/06/460573.htm 4ـ جان-باتيست جانجين فيلمر، أستاذ القانون في جامعة ماكجيل وعضو منتسب الى شار راؤول-داندورند في UQAM. 5ـ ليكن كل شيء على ما يرام في أفضل العوالم الممكنة”، عبارة شهيرة للسيد بانغلوس “كانديد أو التفاؤل” لفولتير. 6ـ فيلمر، جان باتيست جانجين. (19 نوفمبر 2012). « Lutter avec des monstres sans en devenir un soi-même » نشر في لودوفوار. معاد 26 يناير 2013 في http://www.ledevoir.com/international/actualites-internationales/364283/lutter-avec-des-monstres-sans-en-devenir-un-soi-meme 7ـ الآنف. 8 ـ مونولوغ “دون دييغو” بعد صفعة “الكونت”، مسرحية السيد، لبيار كورناي، الفصل الأول، المشهد 4. 9ـ فيلمر، جان باتيست جانجين، الآنف. 10ـ تعني: “أنت أيضا” في اللاتينية، في نص فيلمر، جان باتيست جانجين. 11ـ البلاغة هي –في وقت واحد- العلم والفن الذي يرتبط بمفعول الخطاب في النفوس، ” bene dicendi scientia ” على حد تعبير الخطيب الروماني كانتيليانوس. 12ـ الآنف. 13ـ قضاة (4:5). 14ـ إشارة إلى شخصية السيد جوردان في “البرجوازي الشريف” لموليير. 15ـ رواية “مائة عام من العزلة” لغابرييل غارسيا ماركيز. وخوسيه اركاديو بونديا هو اطريرك الأسرة ومؤسس ماكوندو. رجل قوي الارادة، ثابت (جسديا وعقليا) ذو اهتمام كبير بالأسرار الفلسفية، مثالي النزعة ومغامر. انهى أيامه مربوطا إلى شجرة. 16ـ إشارة إلى la métaphysico-théologo-cosmolonigologie – في “كانديد أو التفاؤلية” لفولتير، ج. 1. 17ـ في “مائة عام من العزلة” لغابرييل غارسيا ماركيز، ميلخيادس نبي غجري يصادق بونديا الأول. يبحثان معا عن حجر الفلاسفة. أعلن ميلخيادس ميتا، ولكنه الى ال بوينديا، حيث كتب رقائق وبرشمانات. ميلخيادس تسكن روحه دائما ذالك المنزل، وتروي كتاباته كل لعنات آل بوينديا. 18ـ جبهة النصرة هي مجموعة من المتمردين المسلحين في سورية. شُكل الفريق نهاية عام 2011 ابان الحرب الإمبريالية على سورية. صنفته الولايات المتحدة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في أواخر عام 2012. 19، عويس يعقوب، خالد. (20 ديسمبر 2012). “Al Qaeda grows powerful in Syria as endgame nears”، نشرته رويترز. واعيد يوم 29 يناير 2013 على http://www.reuters.com/article/2012/12/20/us-syria-crisis-qaeda-idUSBRE8BJ06B20121220 20ـ فيلمر، الآنف. 21ـ مزمور (6 : 3 – 4). 22ـ نوردلاند، رود. (24 يوليو 2012). “Al Qaeda Taking Deadly New Role in Syria’s Conflict”، منشور في صحيفة نيويورك تايمز. معاد 29 يناير 2013 في: http://www.nytimes.com/2012/07/25/world/middleeast/al-qaeda-insinuating-its-way-into-syrias-conflict.html?pagewanted=all&_moc.semityn.www 23ـ الغارديان. (30 يوليو 2012). “Al-Qaida turns tide for rebels in battle for eastern Syria”، اعادة 29 يناير 2013 على http://www.guardian.co.uk/world/2012/jul/30/al-qaida-rebels-battle-syria 24ـ عبد الأحد، غيث. (23 سبتمبر 2012): “Syria: the foreign fighters joining the war against Bashar al-Assad”، نشر في الغارديان. اعادة 29 يناير 2013 في http://www.guardian.co.uk/world/2012/sep/23/syria-foreign-fighters-joining-war?intcmp=239 25ـ فيلا، جوستين. (13 جوان/يونيو 2012). “Arab states arm rebels as UN talks of Syrian civil war”. ، نشر في الإندبندنت. اعادة 29 يناير 2013 في: http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/exclusive-arab-states-arm-rebels-as-un-talks-of-syrian-civil-war-7845026.html 26، بوز، أولريكي. (25 يوليو 2012). Christians Flee from Radical Rebels in Syria”. “، نشر في دير شبيغل. اعيد 29 يناير 2013 في http://www.spiegel.de/international/world/christians-flee-from-radical-rebels-in-syria-a-846180.html 27ـ فيلمر، الآنف. 28ـ في “كانديد أو التفاؤلية” فولتير، ج. XXX. 29ـ مقالات فداء دكروب نشرها موقع Mondialisation.ca http://www.mondialisation.ca/author/fida-dakroub 30ـ دكروب، فداء. (24 أبريل 2012). “خليفة الدم.” «Le calife de sang» نشرها موقع مركز الابحاث العالمية CRM اعادة 29 يناير 2013 على http://www.mondialisation.ca/critique-du-discours-philanthrope-sur-la-syrie-ou-mis-re-du-discours-le-calife-de-sang/30516 31ـ دكروب، فداء. (1 مايو 2012). “دروب الحرية”. « Les chemins de la liberté ».، نشرت على CRM، اعادة 29 يناير 2013 على: http://www.mondialisation.ca/critique-du-discours-philanthrope-sur-la-syrie-ou-mis-re-du-discours/30637 32ـ دكروب، فداء. (13 أوت/أغسطس 2012). “حول التدخل العسكري في سورية : من نصدق، برنارد هنري ليفي أم جليلي؟” ). « De l’intervention militaire en Syrie : qui croire, BHL ou Jalili ? »، نشر في CRM، اعادة 29 يناير 2013 في: http://www.mondialisation.ca/de-l-intervention-militaire-en-syrie-qui-croire-bhl-ou-jalili/32342 33ـ دكروب، فداء. (4 سبتمبر 2012). “11 فاديميير الثورة السورية المقدسة”. « Le 11-Vendémiaire de la Sainte-Révolution syrienne »، نشر علىCRM، اعادة 29 يناير 2013: http://www.mondialisation.ca/le-11-vendemiaire-de-la-sainte-revolution-syrienne/5303168 34ـ فيلمر، الآنف. 35ـ زكريا (9: 9). 36ـ لوبوان. (28 يناير 2013). الآنف.